عمل إيجابي تجاه الزندقة السردية | أبو عمر، إبراهيم السكران - الأربعاء 15 ربيع الأول 1430 هـ
أمام أعاصير الروايات الساقطة والمتوالدة بكثرة هذه الأيام، وسؤال كثير من العقلاء عن الروايات المتميزة بعيداً عن الاتكاء على عنصر الإثارة الغريزية أو التجديف العقدي؛ إما للقراءة الشخصية أو ليزودوا ناشئتهم بها لتنمية مقروءاتهم وقدراتهم الذهنية ومخزونهم اللغوي دون تدمير فضائل الإيمان والعفة، لذلك كله قامت مجموعة من الشباب اللوذعي النشط بتصميم "دليل" رائع نظموا فيه الروايات الهادفة والمقبولة عبر معيار يتسم بالمرونة نوعاً ما.
وبالمناسبة .. فمن المعلوم أن الرواية الفعالة لابد أن تعكس الواقع لا أن تغرد في المتخيل، والواقع يتضمن أخطاء عقدية وفضيلية طبعاً، فكيف لنا أن نعرض الواقع دون أن نتحول إلى سرديات مشوهة؟ كيف يتم التعامل مع أخطاء الواقع؟
الحقيقة أن هناك منظورين سرديين للتعامل مع "أخطاء الواقع" :
المنظور الأول يعرض ألون الخلل المنتشرة في الواقع –سواء في العقيدة أو الفضيلة- بصورة استهجانية ليغرس مشاعر سلبية لدى قارئ النص تجاه هذه الوقائع المنحرفة، وهذا هو منظور "الرواية الهادفة".
والاتجاه الثاني يعرض ألوان الخلل العقدي والفضيلي بصورة يستطرفها القارئ ليدس تراكمات إيجابية متسامحة تنتهي بتطبيع العلاقة مع هذه الانحرافات، وذوبان الحواجز النفسية تجاهها، كتصويرها مثلاً بعبقرية التمرد على السائد، فتغذية القارئ بشكل مستمر بهذه المشاهد عبر بوابة "الفرادة" يدفع باتجاه تذويب مصدات النفور الفطري والديني تجاه الانتهاكات الايمانية والجنسية، لتصبح ألفاظ الكفر والخلاعة ألفاظ مألوفة، وهذا هو منظور "روايات المجون".
فالقضية ليست هل نعرض صور الخلل الواقعي أم نتعامى عنه؟ (كما يحاول المجونيون تصوير السؤال كذلك) وإنما السؤال الذي يكشف اختلاف الاتجاهات:
ماهو الإطار الذي نؤطر به صورة الخلل الواقعي؟ فالاختلاف في الإطار، وليس في الصورة. ولذلك كان (القصص القرآني) يتضمن حكاية ونقل بعض ألفاظ الكفر ومشاهد الإغواء الجنسي لكنه كان يصممها في مسار ينتهي ببناء الفضيلة وتعميق الإيمان.
أتمنى أن يكون الدليل ممتعاً، وبانتظار تطويره من المهتمين بهذا الحقل، وأسأل الله أن يشكر لهؤلاء الشباب مسعاهم ويبيض وجوههم، ولقد أحيو في نفوسنا نزعة العمل الإيجابي. (وتلومونني في عشق الصحوة !).